“عاش شجاعاً ورحل بصمت”.. دير الزور ترثي شهيدها “أبا حنان”، أيقونة الثورة في مدينة القورية
وكالة الفرات للأنباء – حلمي عبد الرحمن
خليط من مشاعر الحزن والفخر يرافق يديّ اللتين تخطّان خبر وفاة القائد الميداني في مدينة القورية “إبراهيم الهجان”، تلك المدينة القابعة على كتف نهر الفرات شرقي دير الزور، والتي ترزح تحت حكم الميليشيات الإيرانية الدخيلة على السوريين.
ودعت الثورة السورية قبل يومين أحد أبنائها البررة، “أبا حنان”، الذي احتضنت جرابلس نعشه بكل فخر، إثر تعرضه لنوبة قلبية، لتطوى بذلك الصفحة الأخيرة من كتاب أحد أبطال الثورة السورية.
ولد “الهجان” في مدينة القورية بمحافظة دير الزور، وكان من أوائل المنضمين للثورة السورية منذ بدايتها، حيث شارك في كل من الشق السلمي والعسكري، ورفع صوته دعماً لكافة المناطق السورية التي تعرضت للقصف والاعتداءات.
لم يكن “الهجان” مجرد ثائر عادي، بل كان رمزاً للتضحية والإصرار، وعلى الرغم من الظروف الصعبة، أسس كتيبة “القعقاع” في الجيش الحر، مستخدماً الأموال التي حصل عليها من بيع أرضه ومقتنيات منزله. وبمساعدة مجموعة من الشباب في القورية، تمكنوا من تأسيس الكتيبة التي شاركت في معارك عديدة على مختلف الجبهات السورية، بما في ذلك دير الزور، البوكمال، الحسكة، الرقة، والقصير خلال الهجوم الذي شنته “ميليشيا حزب الله” صيف العام 2013.
لم تكن مسيرة “الهجان” الثورية خالية من المصاعب، إذ تعرض لإصابات بليغة على مر مشواره. في إحدى المرات، أصيب بأربع رصاصات وخضع لتضميد جروحه دون مخدر، في مشهد يعكس شجاعته وصلابته.
مثل معظم السوريين، تعرض “أبو حنان” للتهجير وذاق مرارته في مخيم التنك حيث يقطن أقاربه ضمن مدينة جرابلس. ثم انتقل إلى رأس العين (شمالي الحسكة)، حيث اضطر للعمل في مجال البناء لتأمين لقمة عيشه، في صورة تعكس عزة نفسه وكرامته التي لم يتخلّ عنها يوماً. لكن الظروف الصعبة نالت منه في النهاية، حيث تعرض لنوبة قلبية نقلته إلى إحدى المشافي التركية، ولكنه لم يتمكن من النجاة منها.
اليوم، يُدفن إبراهيم الهجان في جرابلس، تاركاً خلفه إرثاً من التضحية والشجاعة، ورثاءً يملأ قلوب كل من عرفه أو سمع عنه. رحل بصمت، كما عاش بصمت، لكنه سيظل رمزاً خالداً في ذاكرة الثورة السورية.