الذكرى الحادية عشرة لرحيل ابن الثورة السورية البار عبد القادر الصالح “حجي مارع”
وكالة الفرات للأنباء – حلمي عبد الرحمن
تحل علينا اليوم الذكرى الحادية عشرة لرحيل القائد الثوري عبد القادر الصالح، الذي عُرف بلقب “حجي مارع”، والذي يعتبر واحداً من أبرز الشخصيات التي جسدت روح الثورة السورية وأهدافها، في 16 تشرين الثاني 2013، استشهد الصالح خلال غارة جوية استهدفته، مخلفاً وراءه إرثاً من الشجاعة، وذكرى خالدة في قلوب الثوار السوريين.
– نشأة عبد القادر الصالح ومسيرته قبل الثورة
وُلد عبد القادر الصالح في بلدة مارع بريف حلب الشمالي، ونشأ في أسرة متواضعة، حيث عمل فلاحاً وبائعاً للحبوب، وعلى الرغم من حياته البسيطة، كان الصالح شغوفاً بالحرية، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة القمع الذي مارسه نظام الأسد على أبناء الشعب السوري.
– تأسيس لواء التوحيد ودوره في الثورة
انخرط عبد القادر الصالح في الثورة السورية منذ اندلاعها في 2011، وكانت له رؤية واضحة في ضرورة التنظيم لمواجهة قوات النظام، حيث أسس “لواء التوحيد”، وهو فصيل ثوري ضم مقاتلين من مختلف مناطق الشمال السوري، وقد تميز اللواء بانضباطه العالي وقدرته على شن عمليات نوعية، حيث قاد الصالح معارك في حلب وريفها، مسجلاً انتصارات مؤثرة ضد قوات النظام، كانت معركة تحرير الأحياء الشرقية في مدينة حلب في أيلول عام 2012 من بين أهم نجاحاته، وأكسبته شهرة كبيرة بين الثوار والمدنيين.
عُرف عبد القادر الصالح بمواقفه المساندة لجميع المناطق السورية التي تعرضت للهجوم من قبل أعداء الثورة السورية، ومن أبرز تلك المواقف دعمه لمدينة القصير على الحدود السورية اللبنانية عندما تعرضت لهجوم شرس من قبل ميليشيا حزب الله في 2013، إذ أطلق الصالح حينها نداءً للمقاتلين في الشمال السوري لمساندة ثوار المدينة وفك الحصار عنها، معتبراً أن الدفاع عنها جزء من الدفاع عن الثورة السورية ككل، وأن معركتها ليست مجرد معركة جغرافية بل معركة مصير ومستقبل للثورة بأكملها، وقد كان لهذا الموقف صدى واسع بين الثوار، حيث مثّل مفهوم التضامن بين المناطق السورية رغم المسافات.
كان الصالح يسعى إلى توحيد الصفوف ودرء الانقسامات بين الفصائل الثورية، إذ حرص على منع الاقتتال الداخلي ودعا الفصائل إلى التوحد، معتبراً أن العمل الجماعي هو السبيل لتحقيق النصر، وقد عرف بلقب “حجي مارع” تقديراً لمكانته في نفوس رفاقه ودوره المحوري في الثورة
– شخصية عبد القادر الصالح وأثرها في المجتمع الثوري
اشتهر عبد القادر الصالح بشخصيته المتواضعة وابتعاده عن المظاهر السلطوية، فقد كان قريباً من المقاتلين والمدنيين على حد سواء، يتجول بين الأهالي ويمضي وقتاً معهم، كما تميز بسماحته وحرصه على الاستماع للجميع، وكان يقدم نصائحه ببساطة دون تكلف، وتجلت هذه الروح في محاولاته المستمرة للتهدئة بين الفصائل وتوجيهها نحو هدف واحد، مما جعله محبوباً في أوساط الثوار.
لقد كان “حجي مارع” رمزاً للإخلاص، فقد قاتل من أجل تحرير السوريين من الاستبداد دون أن يطلب الشهرة أو السلطة، ورغم الظروف الصعبة والنقص الحاد في الدعم، واصل العمل بإصرار، معتقداً أن حرية سوريا لن تتحقق إلا بتضحيات كبيرة.
– استشهاده وإرثه الذي لا يُنسى
في 16 تشرين الثاني 2013، وأثناء تواجده في مقر له مع مجموعة من قادة لواء التوحيد، استهدفتهم غارة جوية، أسفرت عن استشهاده، مثل رحيل الصالح صدمة كبيرة للثورة، حيث فقدت أحد رموزها الأكثر تأثيراً، وكان استشهاده بداية لتحديات إضافية واجهتها الفصائل الثورية، وبدأت بعده مرحلة صعبة من الانقسامات والتحديات في مواجهة النظام.
في هذه الذكرى، يستحضر السوريون قصة “حجي مارع” بشعور من الفخر والامتنان، متذكرين تضحيته وإرادته الصلبة، آملين أن تأتي الأيام التي يتحقق فيها الحلم الذي ضحى من أجله عبد القادر الصالح.