رأي: من 5 ليرات إلى 5000: كيف دمّر النظام الاقتصاد وأثقل كاهل الأجيال؟
وكالة الفرات للأنباء – حلمي عبد الرحمن
بينما كنت جالساً بالقرب من متجر الحي، جاءني طفلي راكضاً يحمل ورقة نقدية جديدة، أظهرت ابتسامة البراءة على وجهه وهو يظن أنها ستفتح له أبواب المتعة وتكفيه لشراء ما يشاء، هذه الفئة النقدية التي بدأت تنتشر في مناطقنا أعطاه إياها أحد أقربائي، فما تزال منطقتنا تتعامل بالليرة التركية منذ أكثر من 5 سنوات
دخل المتجر بخطوات متحمسة، ليخرج منه بكيس صغير من الشيبس فقط، كانت دهشتي كبيرة، ليس لأن الفئة النقدية لم تكفِ، بل لأنها جسّدت أمام عينيّ واقعاً اقتصادياً مأساوياً يعيشه هذا الجيل.
كيف يمكنني أن أشرح لطفلي أن مصروفي المدرسي عندما كنت في مثل عمره كان خمسة ليرات فقط، أي أقل من قيمة هذه الورقة بألف ضعف؟ كيف أوضح له أن ما كان يكفي لحياة بسيطة وكريمة في الماضي، لم يعد اليوم يغطي احتياجات أساسية؟
إن هذا المشهد الصغير في متجر الحي ما هو إلا انعكاس لإجرام ممنهج استهدف بلادنا، النظام لم يكتفِ بالقتل والتعذيب، بل تعدى ذلك إلى نهب مقدرات البلاد وثرواتها، وإضعاف الاقتصاد حتى أصبحت العملة فاقدة لأي قيمة.
اليوم، باتت أجيالنا تعيش واقعاً محبطاً، حيث تلاحقها آثار السياسات التي دمرت أسس الاقتصاد وجعلت المواطن عاجزاً عن تحقيق أبسط احتياجاته، هذا المشهد يعيد تذكيرنا بأن معركة السوريين ليست فقط ضد الظلم السياسي، بل هي أيضًا نضال من أجل استرداد اقتصاد منهوب، ومستقبل أجيال تستحق أن تعيش بكرامة.